Events marked Lebanese Banking Sector - LCB Case: Lesson to be learned
14 حزيران 2016
على رجاء أن تكون مجرد رسالة اعتراض تلك العبوة الناسفة التي أوقعت خراباً في مبنى "بلوم بنك" في فردان، لم يخف سياسيون قلقهم حيال احتمال أنها نذير سلسلة أعمال مشابهة على غرار ما شهدته مناطق من لبنان بعد آذار 2005 من تفجيرات صغيرة متنقلة، كان القصد منها آنذاك إثارة الذعر تعبيراً عن عدم رضا عما كانت الأوضاع السياسية قد ذهبت إليه. وجه الشبه بين متفجرة "البلوم بنك" ومتفجرات الـ2005 أنها تبدو "إنسانية"، يحرص واضعوها على إيقاع أقل مقدار من الخسائر البشرية.
لطالما أرّخت أسماء مصارف لمعت فجأة مراحل من تاريخ لبنان الحديث. قبل خمسين عاماً بالتمام،
1. في 1966، صار اسم "بنك أنترا" على كل شفة ولسان يلهج به اللبنانيون والعرب، وكان انهياره المفاجئ مؤشراً إلى سلسلة نكبات سياسية لحقت بحكم "المكتب الثاني" أو السلطة الفعلية وراء ستار عهد الرئيس الراحل شارل حلو. نكبات مالية أيضاً لحقت بشركات ضخمة وبنوك أصغر كانت تدور في فلك "أنترا" وتتأثر به، قبل أن ينقذها رجالات الاقتصاد والسياسة الشهابيون بتنظيمات وإجراءات إستثنائية. لن تظهر كل الحقائق عن قضية هذا البنك العملاق قبل أن يصدر الدكتور كمال ديب في 2014 كتابه "يوسف بيدس- إمبراطورية إنترا وحيتان المال في لبنان"، عن "دار النهار للنشر".
كل بنك مؤشر إلى حقبة سوف تلي .
2. "بنك أوف أميركا" شغل اللبنانيين والعالم عام 1974 عندما اقتحمته مجموعة ثورية يسارية من ثلاثة مسلحين ورمت المال من النوافذ احتجاجاً على السياسة الأميركية وأخذت رهائن، وانتهت العملية بضحايا في اقتحام نفذته قوة أمنية كان من ضمنها الملازم مروان شربل الذي سيصير وزير الداخلية في عهد الرئيس ميشال سليمان. كانت عملية "بنك أوف أميركا" نذيراً بأن ثورة اليسار المتلاحم مع الميليشيات الفلسطينية سوف تهز أركان دولة لبنان وتطيحها، بعد سنة لا أكثر.
3. في الشهر الأول من سنة 1976 وقعت سرقة خزنة "البنك البريطاني" الأضخم في تاريخ بيروت، بلغت قيمة المسروق 450 مليون دولار فقط لا غير. استلزمت استقدام خبراء وتقنيات حديثة وإرساء هدنة في شارع المصارف لحمايتها. كانت تلك السرقة الهائلة علامة أكيدة على أن الحرب ستطول ولن تبقى مجرد جولات، وستسمى "حرب السنتين" المروعة . كانت أيضاً علامة على واقع تلاشي الدولة اللبنانية وسيطرة حكم الأحزاب المسلحة والميليشيات والفصائل التي لا عقيدة لها ولا مبدأ سوى النهب. وستنتظر السلطات البريطانية إلى السنة 2009 كي تطالب بتسليمها أحد قادة الميليشيا الفلسطينية التي كان لها الدور الأكبر في تلك السرقة. في تلك المرحلة السوداء أيضاً نهبت الميليشيات خزنة "بنكو دي روما" وكانت ملأى بذهبيات "سوق الصاغة" في بيروت القديمة.
4. قضية "بنك الإزدهار" سنة 1990 في عز انقسام لبنان بين حكومتين عسكرية ومدنية، شرقية وغربية، أرسلت إشارة قوية إلى ضرورة وضع تشريعات صارمة لحماية القطاع المصرفي والتشدد في مراقبة العمليات المالية لمنع أي تعثر. بعد سبع سنوات نال المودعون حقوقهم، وبعد 15 سنة صدرت أحكام بجرم تجاوز هامش التسليف ومخالفة القانون على بعض المسؤولين في البنك.
5. أما "بنك المدينة" فكانت فضائحه التي فاضت على لبنان ومحيطه في عهد الرئيس إميل لحود أكبر "عرض حال" لواقع البلاد المزري والمؤسسات والسياسة في ظل حكم الإستخبارات السورية الممتد من 1976 إلى 2005. تابع اللبنانيون والعالم روايات وقصصاً أقرب إلى الخيال عن الإرتكابات وأساليب العصابات التي تحكمت بأموال طائلة، تبخرت وتوزعت على المحاسيب والأزلام.
6. وبعد "العصر السوري" حل على لبنان عصر آخر دلت على معالمه قضية "البنك اللبناني الكندي" الذي أقفل أبوابه ما أن سرّبت وزارة الخزانة الأميركية في سطور قليلة خبر أنه يستخدم لتبييض أموال "حزب الله". لم تتأثر أموال المودعين ولا خسر أصحاب المصرف مساهماتهم فيه، إلا أنه صار عبرة ماثلة لا تغيب عن أذهان أصحاب المصارف اللبنانية. ما عادوا يتهاونون في التزام القوانين الدولية مهما كلف الأمر من تهديدات وغيرها. يقال عن رأس المال إنه جبان، تتوجب إضافة أنه يتمتع بذاكرة فيل، يستحيل أن ينسى عندما يتعلق الأمر بعقوبات أميركية.
Source: Annahar Newspaper 14 June 2016
http://newspaper.annahar.com/article/405011-